قبل أن تجلس على مكتبك المخصص في شركتك الناشئة كمدير تنفيذي، يجب أن تكون مؤهلاً بمهارات شخصية تجعلك قادراً على القيادة.
صفات المدير الناجح هي الأساس الذي يقوم عليه مفهوم النجاح في شركتك. خذها كقاعدة لا تقبل النقاش، فقبل أن تجلس على مكتبك المخصص في شركتك الناشئة، وتتابع مؤشرات الآداء لحملات التسويق، وأرقام الحسابات، وخطط التطوير والابتكار، والتوسعات السوقية، وشرائح العملاء، وعقد شراكات مع مؤسسات اخرى.
يجب أن تكون شخصيتك شخصية ريادية، شخصية قيادة، تحالفت الظروف والاسباب والمسببات فيها الى ان اوصلته للجلوس على هذا المقعد، ويتخذ قرارات مصيرية قد لا تتعلق به فقط، بل بالعديد من الاشخاص الذين يعملون معه وتحت إمرته.
تحتاج ان تستثمر في نفسك أولاً، لصناعة شخص مؤهل للقيادة، قبل أن تستثمر اموالك في بناء شركة ناشئة. هذا ما نحاول ان نوضّحه هنا، كيف تستثمر في نفسك قبل ان تستثمر في شركتك؟ .. كيف تمتلك صفات المدير الناجح المترابطة مع صفات الشخصية الريادية؟
القاعدة الاساسية للاستثمار في الذات لتطوير شخصية ريادية:
ان تتعلم وتجرّب – في نفس الوقت – شيئاً واحداً يثير فضولك، وترغب أن تتعلمه وتمارسه وتكتسبه، حتى تحصل على الكفاءة الاساسية فيه. التعليم والممارسة في نفس الوقت، هي الطريق الاسهل لاكتساب الصفات، سواءً مهارات عملية او شخصية او جسدية او عاطفية او روحية.
تعلّم ومارس لدرجة اكتساب الصفة، ثم انتقل الى المهارة التالية، وتعلمها ومارسها، وهكذا.
السؤال هنا: ما الذي ينبغي عليك أن تتعلمه وتكتسبه كإستثمار مباشر في شخصيتك، لتكتسب صفات المدير الناجح الذي يؤهلك لبدء وتأسيس شركة ناشئة وقيادة الموظفين والعاملين بنجاح يصل بشركتك الى بر الامان وتحقق اهدافك؟
المهارة الأولى: ادارة حياة صحية
اذا كان جسدك معتلاً طوال الوقت، تتناول طعاماً رديئاً من المطاعم السريعة ، لا تمارس التمارين الرياضية، مواعيد نومك متقلبة وتستيقظ متأخراً وتنام بعد الفجر ، وتوغل في التفكير والارق والمشاكل النفسية والعقلية، فكيف ستدير شركة ناشئة تضم عدداً من الموظفين؟
النوم والطعام الصحي والتمارين والاسترخاء والعلاقات الصحية والتفكير المتوازن، وممارسة التأمل وغيرها من الأمور التي تساعدك على بناء جسد قوي موزون، وعقل صافي التفكير.
من أوائل الامور التي ينبغي ان تكتسبها، وتجبر نفسك على الالتزام بها، وإلا سينهار جسدك وعقلك، وبالتالي تفقد القدرة على الادارة والمتابعة السليمة.
المهارة الثانية : التعلم المستمر
ان تتعلم شيئاً ما جديداً تستمتع به كل يوم، أي شيء ، ليس في مجال البزنس او مجال عملك. اي شيء تشعر انك تستمتع به، يمكنك استخدامه ، أو حتى فقط تحبّه، تعلّم منه شيئاً ولو يسيراً كل يوم.
سواءً كان هذا رياضة معينة ، أو برنامج معين، او حتى عزف موسيقي، أو تعلم تحليل الاسواق المالية. ما تحبّه ، تعلم جزءً يسيراً منه كل يوم !
المهارة الثالثة: تعلم معنى الأولويات
هناك أمور عاجلة – حتى لو غير مهمة – يجب ان تؤديها فوراً حتى لو لم ترد ذلك. وهناك امور مهمة – ولكنها غير عاجلة – يمكن أن تؤجلها قليلاً. الانجاز هو ان تؤدي الامور العاجلة دائماً، وتعطيها الاولوية القصوى، ثم تذهب الى الامور الاقل عجالة لتنجزها ايضاً.
ان تفعل ما تعتقد انه من الصحيح ان تفعله في هذا التوقيت تحديداً، ضبط الأولويات.
وراءك الكثير من الاعمال المهمة لتنجزها، ولكن الآن يوجد حدث اجتماعي في اسرتك يجب ان تحضره، وهو حدث عاجل. تعلّم ان تلبّي العاجل أولاً ، ثم انجاز المهام المهمة التي من الضروري انجازها لاحقاً، طالما ليست عاجلة او مطلوبة.
ادرس هذه التوازنات، ودرّب نفسك على فهمها ، وسوف تساعدك كثيراً اثناء تأسيسك وادارتك لشركة ناشئة.
المهارة الرابعة: قل ( لا ) للآخرين
من المهم ان تكون لطيفاً، لا احد يريدك ان تكون شخصية كريهة. ولكن هذا لا يعني ان تكون تابعاً لاهداف ورغبات الناس وتلغي شخصيتك تماماً. ركز على ما تريد فعله، اذا وجدت ان وقتك مستنزف وان الآخرين لا يترددون عن تضييع وقتك، ويطلبون من القيام بأشياء لا تتحملها ، قلها بوضوح ( لا ).
والوضوح لا يعني الخشونة او القسوة، بل الصراحة اللطيفة المهذبة.
تعلمك متى تقول ( لا ) في المواقف التي تستدعي منك ان تقولها، سيساعدك جداً في تأسيس شركة ناشئة ناجحة بدون شك. هذه الصفة من أهم صفات المدير الناجح.
المهارة الخامسة : ان تعرف نقاط قوتك .. وتركز عليها
بالتأكيد لديك نقاط قوة، كل شخص منا لديه نقاط قوة وضعف. استكشف نقاط قوتك، قد تكون نقطة قوتك في طريقة تواصلك مع الآخرين، فصاحتك، ذكاءك الرياضي، تعلمك السريع.
قد تكون نقطة قوتك جسدك الرياضي ، وقد تكون نقطة قوتك البساطة والانسيابية في الحديث. الجمال ، القدرة على استشفاف الفرص، مهارة معينة في مجال نادر.
تحديدك لنقاط قوتك شيء مهم للغاية في مسيرة حياتك، لانه سوف يؤثر بشدة على طريقة ادارة وتأسيس شركات ناشئة والتواصل مع الآخرين.
بمجرد اكتشافها، حتى لو بدت لك هزيلة بلا قيمة، دورك ان تنمّيها بشكل أكبر طوال الوقت.
المهارة السادسة: تعرف على نقاط ضعفك .. وتجاوزها
نفس ما فعلته بالنسبة لنقاط قوتك وتعزيزها، ستفعله مع نقاط ضعفك لتجاوزها. ستحدد نقاط ضعفك، بطيء التعلم ، شديد العصبية ، غير فصيح ، غير رياضي ، متقلب المزاج ، غير جيد المظهر ، سريع الملل والضجر.
دورك ان تحدد صفاتك التي تعتبر نقاط ضعف في شخصيتك، بمجرد تحديدها فقط قطعت نصف الطريق لتجاوزها. تلقائياً ستجد نفسك تحاول التغلب عليها، او على الاقل التقليل من حدتها وظهورها في حياتك الشخصية.
المهارة السابعة: القراءة الغزيرة
فلنكن حاسمين في هذا الامر، لا يمكن لرائد اعمال او قائد او مدير ان يحقق نجاحاً وظيفياً او عملياً دون ان يكون قارئاً.
يجب ان تقرأ، عوِّد نفسك على القراءة بإتباع افضل الطرق المريحة، احث عن مواضيع او مؤلفين يثيرون اهتمامك، اقرأ بالطريقة التي تفضها سواء عبر جهاز Kindle أو كتاب روقي أو حتى الاستماع الى الكتب الصوتية Audio Books.
اقرأ كتب ادبية ، علمية ، اقرأ مقالات ، اقرأ الادب الخيال العلمي ، اقرأ ادب كلاسيكي ، اقرأ كتب تنمية الذات.
في كل الاحوال، يجب ان تقرأ القراءة هي المعطيات التي تغذي عقلك بالافكار والخيال والمعلومات، حتى لو كانت في مجال غير مجال عملك او دراستك الاساسية.
لا تستخدم جملة ( لا احب القراءة ولا اصبر عليها ) ، لا تدع عقلك يلعب معك هذه اللعبة الخطرة، واقنعه انت انك تحب القراءة ويجب ان تقرأ. لا مفر من ذلك !
المهارة الثامنة: قم بالمخاطرة .. المحسوبة
عوّد نفسك على بعض المخاطرة، القيام بالشيء ذاته مراراً وتكراراً سيكون مملاً ، ولكن الاخطر انه قد يجعل شخصيتك تميل الى الاستقرار السلبي ، اللجوء لمناطق الامان طول الوقت، فقدان حب المغامرة ، بل والوصول الى كراهية المخاطرة والمغامرة.
هذا خطأ ، وقد يتسبب لك في انهيار شخصيتك القيادية الريادية لاحقاً، باعتبار ان ريادة الاعمال وتأسيس وادارة شركة جزء كبير منها يعتمد على المخاطرة بالاساس.
توسّع قليلاً ، افرد نفسك ، غامِر .. طالما ان هذه المغامرات محسوبة، ومأمونة الجانب، ولا يصيبك من وراءها ضرر مباشر أو ضرر لمن حولك.
المهارة التاسعة: تأقلم مع الواقع
لا تعيش في عوالم خيالية، وان كان الخيال سوف يساعدك في توليد الأفكار، الا ان هذا لا يعني ان تستغرق وقتك كله فيه. تأقلم مع الواقع، الحياة ليست كلها اشياء جيدة، هناك اشياء بشعة وسيئة، وانقلابات في انماط الحياة تحدث كل يوم، ومفاجآت وكوارث وفرص.
افهم ان هذه معايير الحياة، وعِش حياتك وفقاً لهذه الحقيقة، بدلاً من الاستغراق في : ما يجب ان تكون عليه الحياة.
عندما تدرك ان الحياة ليست تجربة، ليست بروفا ، وإنما واقع مُعاش كما هو بخيره وشرّه. وتبدأ في التأقلم مع هذه الحياة، باكتساب الصفات التي تعينك عليها ، كالصبر والوعي والفهم وتقبل البدايات والنهايات، وتقبّل الفراق ، وتقبل الهزيمة، والاحتفال بالنصر.
كلما اقتربت من فهم الواقع ، وعشت بادواته ، وتعاملت معه وفقاً لما هو عليه – وليس وفقاً لما هو في خيالك – كلما استطعت الوصول الى نقاط متقدمة في الحياة، سواء الشخصية او الريادية فيما بعد.
المهارة العاشرة: كن كريماً في كل شيء .. إلا .. !
كن كريما في كل شيء، الصداقة ، المشورة ، اللطف ، الهدايا ، النصائح ، والتبرعات الخيرية اذا كنت قادراً على ذلك. كن كريما في كل المواقف بلا استثناء، ودرّب نفسك على هذا السلوك، فهو من افضل السلوكيات التي يمكن ان تتدرّب عليها وتنمي بها شخصيتك. كن كريما في كل شيء، الا في شيء واحد..
وقتك !
بالنسبة لوقتك كن بخيلاً للغاية. انت لا تملك سوى الوقت فقط لا غير، كن بخيلاً به على الآخرين، ضع خططاً واضحة لادارة وقتك بشكل ممتاز ، لا تضيّع وقتك في هراء أو مقابلات بلا جدوى ، أو في انشغالات غير مريحة ، او التعامل مع اشخاص لا تحبهم.
حتى في اوقات الترفيه التي تضيّع فيها بعض الوقت للراحة يجب ان تدير وقتك بشكل جيد للوصول الى اعلى مرحلة من الترفيه. وقتك هو رأس مالك الكامل في الحياة، اذا ضاع ضعتَ معه.
عشرُ مهارت شخصية لادارة الحياة تعتبر من اهم صفات المدير الناجح ، حاول ان تكتسبها ، وتستثمر فيها مجهودك وتركيزك ووقتك ، بمجرد الوصول الى اكتساب هذه المهارات ، فيمكن القول انك – تلقائياً – اكتسبت المهارات الاهم التي تحتاجها عندما تؤسس وتدير شركة، في اي مرحلة من مراحلك العمرية.
S/ Founders